
بدأت المملكة العربية السعودية خطوات واضحة وملموسة في إطار خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق أهداف الحياد الصفري بحلول عام 2060، حيث تواصل دعمها للابتكارات التقنية والمبادرات البيئية بالتوازي مع التزامها بمبادئ الاقتصاد الدائري للكربون. تجسّد هذه الجهود الرغبة في التصدي للتغير المناخي وتحويل التحديات المناخية إلى فرص اقتصادية وتنموية، رغم الانتقادات والتشكيك الذي صدر في مراحل سابقة من بعض الدول الغربية بشأن قدرة المملكة على تحقيق التزاماتها في مجال المناخ.
الدكتور محمد سرور الصبان، الذي شغل منصب كبير مستشاري وزير النفط السعودي في السابق، أكد عبر برنامج تلفزيوني أن بعض الجهات انتقدت توجه السعودية للتوسع في مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين، إلى جانب الاتهامات الموجهة للمملكة بمحاولة إعاقة تطوير مصادر الطاقة البديلة مثل الشمس والرياح. وأشار إلى أن هذه الاتهامات فقدت مصداقيتها بعد إعلان تشغيل أول وحدة اختبارية متقدمة على مستوى العالم لتقنية التقاط الكربون من الهواء مباشرة، بما يمثّل خطوة عملية باتجاه تحقيق الحياد الكربوني وربما تجاوز هذا الهدف قبل عام 2060.
أوضح الصبان أن المملكة تعمل وفق عدة مسارات متوازية، فهي لا تقتصر على تقنية واحدة فقط، بل تمضي بجهود متنوعة تشمل مشروعات الطاقة النووية ومبادرات الهيدروجين، وتوسيع رقعة المساحات الخضراء من خلال مشروع السعودية الخضراء الذي أعلنه ولي العهد. كما أكد أن هذا التوجه يرسخ مكانة السعودية ضمن الدول القيادية عالمياً، خاصة في إطار مجموعة العشرين، إذ تواصل السير بخطى واثقة نحو الأرقام المستهدفة، وربما تتفوق على بعض الدول الصناعية الكبرى التي كان لها الأثر الأكبر في مشكلات المناخ منذ بداية الثورة الصناعية.
لفت الصبان الانتباه إلى العوائد الاقتصادية للتقنيات البيئية الجديدة، مشيراً إلى أن مشروع التقاط الكربون سيسهم في إنتاج سلع كربونية يمكن ضخها في الحقول التي تراجع إنتاجها، مما يؤدي إلى تعزيز إنتاج النفط ودعم الاقتصاد الوطني، ويوفر أيضاً فوائد اقتصادية على مستوى العالم.
في سياق متصل أشاد الصبان بمركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية، مبيناً أن هذا المركز يحقق نتائج إيجابية من خلال التعاون مع وزارة الطاقة والجهات المختصة، الأمر الذي يعكس التزام السعودية الجدي بملف التحول نحو طاقة نظيفة وتطوير الاقتصاد المستدام.
تجدر الإشارة إلى أن المملكة، وفق ما ذكره الدكتور الصبان، تستمر في اتخاذ خطوات سباقة إقليمياً ودولياً، ما يجعلها رائدة بين الدول في تبنّي الحلول المناخية الجديدة، حيث يرى أن التغير المناخي ليس مسؤولية قطاع النفط وحده، بل ظاهرة طبيعية ممتدة على ملايين السنين، ومع ذلك فإن المملكة أبدت التزاماً صريحاً أمام العالم بمبدأ الحياد الصفري وانخرطت بجدية في جميع المبادرات ذات الصلة.