مسجد بني أنيف في المدينة المنورة.. معلم نبوي يحمل أهمية تاريخية كبيرة

مسجد بني أنيف في المدينة المنورة.. معلم نبوي يحمل أهمية تاريخية كبيرة

يعرف مسجد بنى أنيف كأحد المعالم النبوية البارزة في المدينة المنورة، ويجسد بعدًا تاريخيًا وروحيًا عميقًا لارتباطه بعدد من مواقف النبوة. يقع هذا المسجد في الحي الجنوبي الغربي لمسجد قباء، وتحديدًا في حي العصبة، ولا يفصله عن مسجد قباء سوى مسافة تقدر بنحو 500 متر. أطلق عليه اسم بني أنيف نسبة إلى القبيلة التي حملت هذا الاسم، وهي فرع من قبيلة بلي، التي كانت متحالفة مع سكان قباء في زمن النبي محمد عليه الصلاة والسلام.

تعتبر المدينة المنورة أرضًا للمواقع التاريخية والمعالم النبوية التي ما زالت حاضرة في الذاكرة الإسلامية، إذ تحتفظ كل زاوية بمعلم يوثّق أحداث الرسالة وتفاصيل الهجرة النبوية. من بين هذه المواقع يبرز مسجد بني أنيف، الذي جمع بين القيمة الروحية وبساطة المعمار القديم، حيث شُيد من الحجارة البازلتية السوداء دون سقف، وتبلغ مساحته قرابة 37.5 مترًا مربعًا، ويحيط به فناء كبير يحوي أشجار نخيل وشجيرات محلية.

اكتسب المسجد عدة تسميات تاريخية، منها المصبح أو الصبح، إذ ارتبط هذا المكان النبوي بصلاة الفجر التي أداها النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيه. كما شهد زيارة النبي عليه الصلاة والسلام للصحابي طلحة بن البراء خلال فترة مرضه في هذا الموضع، ما منحه طابعًا إنسانيًا مؤثرًا ومغزى روحيًا.

شهد مسجد بني أنيف ترميمًا شاملًا ضمن برامج الحفاظ على المعالم التراثية تحت إشراف هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة. شملت أعمال الترميم تدعيم الجدران بأعمدة خشبية تقليدية، وتكسية الأرضية برخام أبيض، بالإضافة إلى تركيب إنارة متجانسة مع تاريخ البناء. يسهم الفناء الحجري المحيط به في إبراز معالم البساطة والأصالة، ليحافظ الموقع على خصوصيته كمعلم تراثي مهم.

يأتي مشروع الترميم ضمن شراكة استراتيجية بين هيئة تطوير المدينة المنورة وهيئة التراث، بهدف حماية المواقع التاريخية وإبرازها ضمن مسيرة السياحة الدينية والثقافية المرتبطة برؤية المملكة 2030. يدرج المسجد في البرامج السياحية التي تعرف الزوار على معالم المدينة الدينية والتاريخية، مع وجود جهود متكاملة لرقمنة المعلومات والخدمات السياحية، تقدمها منصة روح المدينة التابعة للهيئة، لتسهيل وصول الزوار إلى تفاصيل المعالم وتعزيز تجربتهم أثناء زيارة المدينة المنورة.