
ركزت خطب الجمعة هذا الأسبوع في المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة على أهمية شكر النعم والإخلاص في العبادة وضرورة الاستعداد للأيام المقبلة بروح التفاؤل. وتناولت الخطبتان الإرشاد لتقوى الله ومراقبته في السر والعلن، باعتبارها منبع الفضائل وأساس ثبات الإيمان، مؤكدتين أن دوام النعم مرتبط بالاعتراف بها وشكر الله عليها قولاً وعملاً واعتقاداً، وأن إهمال شكر النعم قد يصبح سبباً في زوالها.
أشار إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد إلى أن الإنسان يغمره فضل الله ونعمه التي لا يحصيها عد، وأن كل لحظة في حياة الإنسان هي منحة ربانية ينبغي تقديرها حق التقدير، مذكراً أن هناك من لا يستطيع التنعم بأبسط الأمور مثل التنفس أو استشعار الحياة كما ينعم بها الآخرون. وأكد أن أهمية حفظ النعمة تكون بتقديرها والاعتراف بها ودوام استذكارها والاستغفار وصرفها في مرضاة الله، وأن الشكر يكون بالجنان واللسان والعمل، فالشكر بالجنان يعني الإيمان بأن الله هو المنعم بلا واسطة، والشكر باللسان يكون بذكر النعم والثناء على الله من دون كبر أو استعلاء، أما الشكر العملي فيتجلى بجعل النعمة وسيلة للطاعة والحذر من إنفاقها في المعصية. وحذر الشيخ بن حميد من الغفلة عن شكر النعم أو التقليل من شأنها واعتبارها أموراً بسيطة، مبيناً أن التهاون في حفظ حقوق الله قد يؤدي إلى جزاءات أشد.
وتطرق خطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور أحمد الحذيفي إلى أهمية تقوى الله في جميع الأحوال، حيث أوضح أن الاتصاف بها هو طريق النجاة وعنوان النجاح في الدنيا والآخرة، كما أنها التجارة الرابحة والزَّاد الذي لا ينفد والسرور الذي لا ينقطع، محذراً من سرعة انقضاء العمر ومعتبِراً أن التفكير بالماضي واستشعار سرعة مرور الأيام يزرع في النفس وعيًا بقيمة الوقت وفرصة التزود بالأعمال الصالحة. وأضاف الشيخ الحذيفي أن وداع العام الهجري واستقبال عام جديد يجب أن يحمل في طياته التفاؤل والعمل الصالح، مع ضرورة الاستفادة من مواسم الطاعات المتوالية كسَنةٍ إسلاميةٍ متجددةٍ تتيح للمسلم فرص زيادة العبادة، إذ أشار إلى فضل صيام شهر الله المحرم وأهمية قيام الليل بعد الفرائض.
كما توجه الشيخ الحذيفي إلى الحجاج والزوار وقُدُم الحرمين الشريفين، داعياً إياهم إلى إدراك خصوصية الزمان والمكان والاستفادة من الأوقات الفاضلة بالإكثار من شكر الله، وتقدير المكانة الدينية لهذه البقاع المباركة، والدعاء لولاة أمر المملكة الذين يسهرون على أمن الحرمين وزوارهما. واختتم خطبته بالدعاء لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده وجميع القائمين على إدارة شؤون الحرمين، سائلاً الله أن يحفظ المملكة العربية السعودية من كيد الأعداء ويجزي مسؤوليها خير الجزاء.