المملكة تطلق مبادرة المدن الإسفنجية لإدارة مياه الأمطار بأساليب مبتكرة

المملكة تطلق مبادرة المدن الإسفنجية لإدارة مياه الأمطار بأساليب مبتكرة

أطلقت المملكة العربية السعودية توجهًا لافتًا نحو اعتماد تقنيات حديثة في إدارة مياه الأمطار عبر مبادرة المدن الإسفنجية، التي تهدف للاستفادة من مياه الأمطار عبر امتصاصها وتخزينها واستثمارها في أغراض متنوعة، بدلاً من تصريفها بشكل مباشر. تأتي هذه الخطوة في إطار توجه وطني يرمي إلى تطوير استراتيجيات شاملة لمواجهة التحديات المناخية وتحقيق إدارة مستدامة للمياه، حيث ظهرت الحاجة الملحة لاعتماد حلول مبتكرة بخلاف الأنظمة التقليدية للبنية التحتية، خاصة بعد تكرار ظواهر الأمطار الغزيرة وتداعياتها خلال السنوات الأخيرة.

أكد حازم إبراهيم، نائب الرئيس التنفيذي للجمعية السعودية للهندسة المدنية، خلال أعمال النسخة الثانية من مؤتمر تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي 2025 في جدة، أن المملكة بدأت بالفعل تنفيذ تطبيقات محدودة للمدن الإسفنجية في مدينتي الرياض وجدة ضمن مشاريع تطويرية كبرى من بينها المربع الجديد والقدية. كما أشار إلى أن تعميم هذه المبادرة يتطلب دعماً تشريعياً وتنظيمياً من الجهات المختصة لتحقيق الانتشار الأوسع.

تركز تقنيات هذا الجيل من الإدارة على عملية التخزين وإعادة الاستفادة من المياه، بجانب اعتماد المراقبة الذكية وأنظمة التنبؤ الدقيق من خلال أجهزة الاستشعار لجمع وتحليل بيانات الأمطار، بهدف تحسين القدرة على الاستجابة السريعة للظروف الجوية المتغيرة. المدن الإسفنجية تعتمد على تخطيط المساحات الحضرية لاستيعاب الماء من خلال دمج مناطق خضراء مثل المتنزهات، والبحيرات، والأشجار مع بنية تحتية مهيأة لجمع المياه واستخدامها لاحقًا في الري أو أنظمة التبريد أو في دورات المياه داخل المباني.

وأشار إبراهيم إلى أن هذا التوجه يوفر فوائد اقتصادية كبيرة من خلال خفض التكاليف المرتبطة بالبنية التقليدية، إلى جانب تعزيز الاستدامة، كما أوضح أن المملكة تعمل على إدخال استراتيجيات لإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، بما يشمل الاستفادة منها داخل المجمعات السكنية وللاستخدامات المختلفة، أسوة بتجارب دولية متقدمة مثل سنغافورة، التي قطعت شوطًا كبيرًا في معالجة واستخدام مياه الأمطار ومياه الصرف المعاد تدويرها.

من جهة أخرى، شدد الدكتور عماد عبدالرحيم، مستشار وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، على أن استمرار الاعتماد على النماذج التقليدية للبنية التحتية لم يعد كافياً أمام التحديات المناخية الراهنة. وأوضح ضرورة اللجوء لأنظمة التصريف الحضري المستدامة، والتي تعتمد على تحليل البيانات والاندماج مع الحلول الطبيعية الذكية، مؤكدًا أن الجمع بين البنية التحتية الرمادية مثل القنوات التقليدية والخضراء مثل المناطق المزروعة أصبح أمراً ضرورياً، لا سيما مع التطور الذي شهدته مشاريع البنية التحتية السعودية في تقليص الأضرار الناجمة عن الأمطار الغزيرة.