بعد تضحياتها بنفسها من أجل إنقاذ أخيها طالبة تتحصل علي وسام الملك عبد العزيز بعد حادثة شغلت الرئي العام بالمملكة

في عالم يحفل بقصص البطولة والفداء، تبرز حكاية تحمل في طياتها معاني الشجاعة والإيثار، هي قصة الطالبة الشابة أصالة راجح الشيخي، التي نسجت من خيوط الأمل ثوبًا للحياة منحته لشقيقها في رحلته الشاقة مع المرض بكل ما تحمله من عزيمة وإرادة، واجهت أصالة التحدي الأصعب في حياتها. تبرعت بجزء لا يتجزأ من كيانها، وهو نخاعها الشوكي، لتنثر بذلك بذور الأمل في جسد شقيقها المنهك بالأنيميا المنجلية والثلاسيمياء، مرضان يستلبان النشاط والحيوية من أجساد مصابيهما.

في مستشفى الملك فهد، أجريت الفحوصات الدقيقة، والتي كشفت عن عدم تطابق أنسجة الأسرة كاملة مع الشقيق المريض، باستثناء أنسجة أصالة، تلك الفتاة التي لم ينل من عزيمتها صغر سنها. وعلى الرغم من حداثة عهدها بالحياة، استلهمت أصالة الشجاعة لتكون نبع الشفاء لشقيقها.

شجاعة تفوق السنوات

تمثلت شجاعة أصالة في قدرتها على تجاوز الخوف والقلق، لتصبح رمزًا للتضحية الأخوية. وصفت والدتها تلك اللحظات بأنها كانت حرجة ومليئة بالتوتر، لكن أصالة تحملت العملية بكل بسالة، حيث تطلبت منها أن تخضع لعمليتين دقيقتين لاستخراج النخاع الشوكي بفضل كفاءة الأطباء والرعاية الطبية المتقدمة، أثمرت العملية عن نجاح باهر، حيث بدأت أصالة وشقيقها معاً رحلة التعافي، متشاركين الآمال والأحلام مرة أخرى. لم تقتصر رحلة الشفاء على الجانب الطبي فحسب، بل تعدتها إلى تحقيق الانسجام والتكاتف الأسري.

تكريم يليق بالمحاربين الصغار

توجت هذه القصة بالتكريم، حيث منحت أصالة وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الثالثة، تقديرًا لشجاعتها وإيثارها. شرف كبير أحاط بالعائلة، ومنح أصالة السعادة الغامرة والاعتزاز بأن قصتها أصبحت مثالاً يحتذى به في البذل والعطاء لم تغفل المؤسسات التعليمية عن دورها في تكريم أصالة، فقد أقيمت مراسم التكريم بحضور مديرة الإشراف التربوي بتعليم القنفذة للبنات، لتُنصب أصالة رمزًا للنبل والعطاء في مدرسة متوسطة دوقة الأولى، مؤكدة على أن قيم الشجاعة والإيثار لا تعرف حدًا للسن.

إن قصة أصالة راجح الشيخي ليست مجرد حكاية عن تبرع بالنخاع الشوكي، بل هي رسالة ملهمة تخبرنا بأن قوة الروح ونقاء القلب يمكن أن يصنعا معجزات. ففي كل خطوة شجاعة نحو المجهول، وكل قرار ملؤه الإيثار، تتجلى أسمى معاني الإنسانية. وتظل أصالة، بما قدمته من تضحية، برهانًا حيًا على أن الأخوة ليست مجرد صلة دم، بل هي رابطة قلبية تزهر بالمحبة والفداء.

close