في الثقافة العربية، تعتبر الضيافة جزءًا لا يتجزأ من التقاليد والعادات الاجتماعية، حيث يحرص الناس على استقبال الضيوف بأكرم وأجمل ما يمكن تقديمه، ويشهد المجتمع العربي بين الحين والآخر مواقف تُظهر تعلق الناس بهذه القيم العريقة وأحيانًا تحدث تفاعلات مفاجئة تعبر عن ردود أفعال غير متوقعة.
في مقطع فيديو أثار حفيظة العديد من المتابعين، يُوثق مواطن غضبه بعدما قُدم له غداء متواضع عبارة عن “وجبة دجاج”، وهو ما يُعد في نظر البعض تقصيرًا في حق الضيافة، خاصةً إذا كان الضيف بعيدًا لمدة طويلة. يُبرز هذا الموقف أهمية الغذاء في الثقافة العربية كوسيلة للتعبير عن الكرم والتقدير للضيف.
الضيافة لا تقتصر فقط على قيمة ما يُقدم من طعام، بل تمتد لتشمل الحفاوة والترحيب الذي يُظهره المضيف تجاه ضيفه. فالعبارة “الله يحييك على واجبك وعلى المتيسر”، تشير إلى قبول المضيف بما تيسر له تقديمه وشكره للضيف على تفهمه. لكن، يبدو أن الضيف كان ينتظر تقديرًا أكبر يتمثل في ضيافة أكثر غنى، معتبرًا ما قُدم له عدم مبالاة بزيارته النادرة.
— حمزة (@hamza7674522671) November 5, 2023
التوازن بين التقليد والتوقع
تكمن الإشكالية في كيفية موازنة المضيف بين التقليد وتوقعات الضيف، خاصة في زمن أصبحت فيه الإمكانات متفاوتة والوضع الاقتصادي يلعب دورًا كبيرًا في تحديد مستوى الضيافة. السؤال هنا، هل يجب أن تُقاس كرم الضيافة بما يُقدم من طعام أم بقيمة اللقاء والوقت المشترك؟
ما نشاهده في هذه الواقعة يُسلط الضوء على أهمية مراعاة المشاعر في التفاعلات الاجتماعية. رد فعل الضيف “الله لا يكثر خيرك لي غايب عنك سنتين وما في إلا دجاجة.. اقلب وجهك” يُظهر حجم التوقعات التي يحملها بعض الأشخاص وكيف أن تلبيتها قد تكون صعبة أحيانًا. يجدر بنا أن نتساءل: هل كان يجب على الضيف أن يُعبر عن امتنانه للجهد بدلاً من التعبير عن الاستياء؟
التقاليد في عصر الواقعية
علينا أن نعترف أننا نعيش في عصر يُفرض علينا فيه أن نجد توازنًا بين حفظ التقاليد والتكيف مع واقعنا الاقتصادي والاجتماعي. يمكن للضيافة أن تتخذ أشكالاً متعددة ولا يجب أن تُقاس بالكم بقدر ما تُقاس بالكيف ومعنى التواصل الإنساني الذي تحمله يُعتبر فن الضيافة تراثًا يعكس الكرم والأخلاق، وينبغي على الجميع – مضيفًا وضيفًا – أن يقدّر هذا الفن ويُقدر الظروف والنوايا. في المرة القادمة التي نجد فيها أنفسنا في موقف مشابه، دعونا نتذكر أن البساطة قد تكون أصدق تعبير عن الكرم، وأن الامتنان هو أجمل ما يمكن أن يُقدم في المقابل.