
تشير تقارير صحفية إلى تصاعد ظاهرة تحوّل بيئات العمل في بعض المؤسسات إلى ساحات تسودها الكراهية وينتشر فيها الشعور بالإحباط بين الموظفين، حيث أصبحت إجراءات التحقيق الإداري والمساءلة أداة تستخدم ضد العاملين بدلًا من أن تكون وسيلة تضمن النزاهة والعدالة داخل مكان العمل. وكشف الكاتب يوسف الحمادي بصحيفة مكة عن تزايد استغلال بعض الإدارات لأقسام التحقيقات الداخلية بصورة تخالف أهدافها الأساسية، خاصة في الشركات الكبرى وجهات القطاع الخاص التي تعاني من غياب رقابة تنظيمية فعالة.
في هذا السياق، أوضح الحمادي أن بعض المديرين، الذين تجمعهم مصالح شخصية أو ارتباطات خاصة، يسيئون استخدام الأدوات الإدارية لملاحقة موظفين معينين. وانعكس ذلك على مستقبل هؤلاء الموظفين بفقدانهم وظائفهم وتعرضهم لتشويه السمعة المهنية حتى بعد رحيلهم عن المؤسسة. ووصف الحمادي هذه الإجراءات بأنها طريقة لتصفية الحسابات وتمرير القرارات المجحفة، مستفيدين من ضعف المتابعة الرسمية لردع التصرفات المخالفة.
وأضاف الحمادي أن مثل هذه التصرفات ترتقي إلى مستوى الاغتيال المعنوي للموظفين، إذ تؤثر سلباً في طموحاتهم وتضعف رغبتهم في بناء مسار مهني ناجح. وتناول كيف يقوم بعض المدراء الذين يطلق عليهم “القتلة الصامتون” باستخدام السلطة الإدارية والنفوذ في ممارسة أنواع من التنكيل النفسي والإداري لتحقيق مصالح خاصة أو إرضاء نزوات شخصية، الأمر الذي يخل ببيئة العمل بالكامل.
وحذر الحمادي من خطورة انتشار هذه الثقافات التنظيمية السلبية، منبهاً إلى أن استمرارها سيدعم خلق بيئة عمل تتسم بالتنافر وغياب الثقة، كما سيدفع الموظفين إلى فقدان الإيمان بإمكانية تحقيق العدالة عبر القنوات الإدارية الرسمية، وهو ما يهدد بتأثيرات سلبية واسعة النطاق خارج حدود المؤسسات نفسها ويطال المجتمع.
وفي ضوء هذه التحديات، دعا الحمادي الموظفين إلى ضرورة اتخاذ موقف جاد تجاه مظاهر الظلم الإداري، وحث كل من يتعرض للانتهاكات أو يشهد هذه التجاوزات على التبليغ عنها أمام الجهات المختصة مثل هيئة الرقابة ومكافحة الفساد نزاهة. كما طالب الهيئة بتكثيف تحقيقاتها في ممارسات بعض الشركات الكبرى التي حولت أقسام التحقيقات الداخلية إلى وسائل منتظمة للإضرار بالموظفين. وشدّد على أن العدالة داخل أماكن العمل توازي في أهميتها العدالة في المجتمع، مع ضرورة معالجة تلك الانتهاكات لضمان حقوق العاملين وحماية بيئات العمل من أي ممارسات مؤذية تهدد مستقبل الأجيال الجديدة.