أوضح الخبير الفلكي الدكتور خالد بن صالح الزعاق أن ارتباط العرب بالنجوم يعد مسألة وجودية متأصلة في حياتهم وليست مجرد تقليد أو موروث ثقافي. وأشار إلى أن تفاصيل الحياة اليومية عند العرب القدماء كانت وثيقة الصلة بحركات النجوم، حيث انعكس ذلك في أنشطة أساسية مثل الزراعة والملاحة والتعامل مع تقلبات الطبيعة وفهم محيطهم الكوني بطريقة علمية دقيقة.
وأشار الزعاق إلى أن تنظيم مواسم الزراعة اعتمد بشكل أساسي على مراقبة النجوم، إذ استخدم الفلاحون ظهور أو غياب نجوم معينة لتحديد أوقات البذر والحصاد والري بكل دقة. ومن أبرز الدلائل على هذا الارتباط ما ذكره حول اقتران القمر بالثريا الذي كان يعتبر علامة فارقة عند العرب لتوقيت ري المزروعات، وهو ما يجسد فهماً متقدماً لدورات الطبيعة وربط دلالات السماء بالأرض.
كما سلط الضوء على الدور الحيوي للنجوم في إرشاد المسافرين وقوافل التجارة خلال تنقلاتهم عبر الصحارى الشاسعة، حيث مثلت النجوم أداة الملاحة الأساسية قبل ظهور الخرائط الحديثة، وكانت بوصلة يعتمد عليها الجميع لتحديد الاتجاهات في بيئة قليلة المعالم.
وركز الزعاق على أن اهتمام العرب بسماء الليل لم يتوقف عند الجوانب العملية فحسب، بل كان هناك تواصل وجداني وثيق. فقد تحولت السماء كل ليلة بعد مغيب الشمس إلى لوحة فنية عميقة الإلهام أثرت على أشعارهم ولغتهم. وأكد أن العرب منذ القدم تميزوا بدقة الملاحظة الفلكية والمتابعة المستمرة لحركات الأجرام السماوية وربطها بمواقع الأرض، ما يمنحهم مكانة متقدمة بين الشعوب في فهم العلاقة بين الأرض والكون.
