
شهدت مكة المكرمة فجر اليوم مراسم استبدال كسوة الكعبة المشرفة مع بداية العام الهجري الجديد، حيث تولت فرق العمل المختصة تنفيذ جميع المراحل وسط متابعة واسعة من العالم الإسلامي الذي تابع الحدث عبر النقل المباشر باعتباره مناسبة روحانية هامة ينتظرها المسلمون في شتى البلدان. وقد بدأت الإجراءات مع انتهاء الصلاة عصر اليوم التاسع والعشرين من شهر ذي الحجة عام 1446 هجري، إذ بدأت فرق العمل بإزالة الستارة القديمة من باب الكعبة والحليات والمعلقات والصمديات المحيطة، تمهيداً لوضع الكسوة الجديدة. وبعد إتمام التجهيزات، جرى نقل الكسوة الجديدة ليلاً من مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة وصولًا إلى المسجد الحرام. وانطلقت مرحلة تغيير الكسوة رسمياً بعد منتصف الليل، بمشاركة مسؤولي الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.
استُعملت في تنفيذ هذه العملية ثماني رافعات خاصة، كما وضعت حواجز بلاستيكية يبلغ ارتفاعها أكثر من مترين لتأمين المنطقة وإتمام مهمات التغيير بمهنية عالية. أتقن 154 من الكوادر الوطنية المدربة هذه المهمة التي بقيت قيد التحضير والصناعة طوال أحد عشر شهراً متواصلاً في مرافق مجمع الملك عبدالعزيز، وذلك لضمان جودة الكسوة وتفاصيلها الدقيقة.
تتميز الكسوة الجديدة بجودة تصنيعها، حيث يبلغ ارتفاعها أربعة عشر متراً ووزنها أكثر من ألف وأربعمئة كيلوغرام، وتمت حياكتها من أجود الحرير الطبيعي الخالص، وزُخرفت بآيات قرآنية مطرزة بخيوط ذهبية وفضية خالصة. وتضمنت عملية التصنيع استخدام ستين كيلوغراماً من الأسلاك الفضية، بالإضافة إلى مئة وعشرين كيلوغراماً من الأسلاك الفضية المطلية بالذهب.
يُعد خط الثلث العربي الجلي من أبرز السمات الفنية في كسوة الكعبة المشرفة، حيث تُكتب به الآيات ونقوش الحزام الذي يحيط بالكعبة من جميع الجهات، ويعود اختيار هذا الخط لمرونته العالية وتداخل حروفه بشكل هندسي يتيح جمع عدد كبير من الكلمات في مساحة محددة، ما يمنح الكسوة مظهراً جمالياً فريدًا يليق بعظمة وقدسية المكان. وتتنوع مقاسات الحزام وفق أضلاع الكعبة، إذ يبلغ عرضه أكثر من أحد عشر متراً من جهة باب الملتزم، وعشرة أمتار بين الركنين، وأكثر من اثني عشر متراً ناحية باب إبراهيم، فيما يصل عرضه إلى عشرة أمتار عند حجر إسماعيل، أما طول الحزام في جميع الجهات فهو أربعة وتسعون سنتيمتراً. يجسد ذلك حجم ودقة الجهود المبذولة في تصميم وتنفيذ الكسوة كل عام.