
افتتح مسجد الجبيل في مركز ثقيف جنوب الطائف أبوابه مجدداً مع حلول عيد الأضحى ليستقبل المصلين في أول صلاة عيد تقام به بعد أعمال الترميم الشاملة التي خضع لها ضمن المرحلة الثانية من مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية. وأعاد هذا الحدث التاريخي للمسجد مكانته العريقة بعد أن ظل صامتاً لأكثر من ثلاثة قرون، إذ تعالت فيه تكبيرات العيد وروائح التراث وسط أجواء روحانية جمعت بين المصلين الذين استشعروا بهجة المناسبة وعمق الانتماء للمكان.
المسجد يقع في قرية الجبيل في نطاق مركز ثقيف، ويبعد حوالي كيلومتر ونصف عن طريق حسان بن ثابت الذي يربط بين الطائف والباحة. تشير مصادر محلية إلى أن بناء المسجد الحالي يعود إلى أكثر من ثلاثمئة عام، ليكون بذلك شاهداً حياً على التاريخ الديني والاجتماعي للمنطقة، فيما ظل لعقود طويلة مقصداً لأبناء القرية ورواد العبادة.
يتجاوز تطوير المسجد حدود الصيانة المعمارية، حيث شمل المشروع ترميم المسجد الأصلي مع الاحتفاظ بالتصميم المعماري التقليدي وتحديث مختلف مرافقه بما يلبي احتياجات المصلين في العصر الحالي. ازدادت مساحة المسجد من 287 متراً مربعاً لتصبح 310 أمتار مربعة، مع الحفاظ على الطاقة الاستيعابية للمصلين التي تصل إلى 45 شخصاً.
مبادرة تطوير مسجد الجبيل تندرج في إطار مشروع وطني يشمل أكثر من 130 مسجداً تاريخياً في أنحاء المملكة، حيث تهدف الخطة إلى صون الهوية الإسلامية والمعمارية وتقوية الارتباط بالأصالة والتراث. لا يتوقف الأمر عند بناء الجدران، بل يرسخ المشروع حضور هذه المساجد كمنارات روحية وثقافية للأجيال المتعاقبة، تأكيداً على احترام الماضي وتلقيه بروح تتناسب مع متطلبات الحاضر.
العودة لإقامة صلاة العيد في المسجد بعد الترميم، شكلت لحظة مؤثرة أعادت إلى الأذهان أهمية تلك الأماكن في حياة المجتمع، وبرزت خلالها الجهود الرامية لإحياء الذاكرة الجماعية وربط الأجيال الجديدة بجذورها الروحية والتاريخية، في مشهد يجسد رؤية القيادة السعودية للاهتمام بصون التراث الديني والمعماري ضمن مشاريع التنمية الوطنية.