الثبات على الطاعة حتى الممات.. خطيب المسجد النبوي يكشف سر أعظم الفتوحات

الثبات على الطاعة حتى الممات.. خطيب المسجد النبوي يكشف سر أعظم الفتوحات

دعا إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالباريء بن عواض الثبيتي المسلمين إلى الالتزام بالأعمال الصالحة والمواظبة على الطاعات وعباداتهم دون استهانة بأي فعل خير، مهما بدا بسيطًا أو صغيرًا، مؤكدًا أن الجزاء الحسن لمن يحسن العمل مضمون عند الله عز وجل. وأكد أن الله تعالى يحث الإنسان دائمًا على بذل الخير، ولا يضيع أجر المحسنين.

تطرق الشيخ الثبيتي في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد النبوي إلى الفضائل المتعددة التي يجنيها المسلم من الأعمال الصالحة، موضحًا أن تقوى الله هي أصل كل بركة ومفتاح لكل توفيق، كما أن الثبات على الطاعة حتى آخر العمر من أعظم ما يبلغه المسلم من فتوحات رحمانية. وبيّن أن من دلائل توفيق الله للعبد أن يحبب إليه العمل الصالح ويثبته عليه حتى الممات، فإذا وجد الإنسان في قلبه حبًا للطاعة، فقد ذاق بركة الإيمان وسكنت حياته السكينة واطمأن قلبه، استنادًا لقوله تعالى: من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة.

وأشار الشيخ إلى أن مفهوم العمل الصالح في الإسلام شامل يتعدى الطاعات الفردية ليشمل الأعمال الجماعية والظاهرة والخفية، كالصلوات، والزكاة، والصيام، والحج، وقراءة القرآن، وذكر الله، وبر الوالدين، وصلة الرحم، والإحسان للفقراء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكفالة اليتيم، وتعليم الجاهل، وإعانة المحتاجين، وقضاء حوائج الناس، مستشهدًا بأحاديث نبوية تحث على الرحمة وبذل الخير مهما كان يسيرًا.

وأوضح خطيب المسجد النبوي أن ثمار العمل الصالح لا تتوقف على الجزاء في الآخرة، بل تظهر آثاره في الدنيا عبر بركة العمر والرزق وراحة النفس وحب الناس، كما يكون سببًا للثبات عند البلاء وصلاح الذرية. واستشهد بآية تؤكد محبة الرحمن للذين آمنوا وعملوا الصالحات.

وشدد الشيخ الثبيتي على ضرورة استمرار العبد في الطاعة وعدم التوقف بعد مواسم العبادة، لافتًا إلى أن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، بحسب حديث نبوي شريف. ونبّه إلى أهمية الحرص على الخاتمة الحسنة، حيث الأعمال إنما تُوزن بخواتيمها، كما نقل عن بعض السلف خوفهم من سوء الخاتمة ودعا من أتم المواسم بالطاعة إلى عدم التفريط فيما أنجزه.

لفت إمام المسجد النبوي إلى أن أثر العمل الصالح يبقى مستمرًا حتى بعد وفاة صاحبه، فقد يُكتب له الأجر بدعاء ولد صالح، أو مسجد شيده، أو علم نشره، أو يتيم كفله، أو صدقة جارية تركها، مستشهدًا بقوله تعالى: إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم.

حذر الشيخ من استصغار الأعمال الصالحة أو التقليل من شأنها مهما كانت بسيطة، فرب كلمة طيبة أو دعوة مخلصة أو عمل صغير قد يكون سببًا في هداية إنسان أو دخول الجنة، كما روى النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل دخل الجنة بسبب إزالة غصن شوك عن طريق الناس. وشدد على أن الطريق إلى الخير متنوع ومتاح للجميع، والموفق من سعى لاغتنام هذه الفرص.

اختتم الشيخ عبدالباريء الثبيتي خطبته بالدعاء للحجاج بأن يحفظهم الله وييسر لهم أداء النسك ويعودوا إلى ديارهم سالمين، وطلب استمرار الأمن والأمان لبلاد الحرمين الشريفين وسائر البلاد الإسلامية. كما دعا بفك كرب أهل فلسطين ورفع البلاء والمعاناة عنهم، سائلاً الله أن يمنحهم الأمن والنصر وأن يعيد إليهم أرضهم وكرامتهم.