
تشكل اللحظات الأولى في الصباح الأساس لمزاج جميع أفراد العائلة على مدار اليوم، ويؤكد متخصصون أن الطريقة التي يبدأ بها الإنسان يومه تترك أثراً واضحاً على نفسيته وعلى أجواء المنزل بالكامل. عندما يستيقظ الأطفال وسط اندفاع وتوتر وفوضى تزداد فرص تشوشهم وتعرضهم للضغط. أما إذا انطلقت ساعاتهم الأولى بالهدوء والتنظيم والدفء فإنهم يكتسبون طاقة إيجابية وشعوراً بالأمان يساعدهم على التركيز وبذل الجهد في دراستهم ونشاطاتهم اليومية.
من بين العوامل المؤثرة على أجواء الصباح، تأتي أهمية الطريقة التي يتم إيقاظ الأطفال بها. بدلاً من استخدام عبارات قاسية أو الصراخ، ينصح الخبراء باختيار نبرة صوت هادئة أو تشغيل موسيقى ناعمة أو فتح الستائر لإدخال الضوء، وأحياناً يكفي الجلوس إلى جانب الطفل ولمسه بلطف لمنحه شعوراً بالاطمئنان. تبدأ بهذه الخطوات البسيطة بداية اليوم بشكل مريح وتعزز توازنه النفسي.
كذلك، تخصيص عشر دقائق قبل استيقاظ باقي أفراد الأسرة له قيمة كبيرة، حيث يمكن للوالدين استغلال هذا الوقت في تناول كوب من الشاي أو ترتيب الأفكار أو حتى كتابة قائمة الأعمال المطلوبة. هذه اللحظات الخاصة تساعد على ضبط المزاج وترسيخ الهدوء الداخلي، مما ينعكس إيجابياً على تفاعل الأهل مع أبنائهم خلال الصباح، حيث ينتقل أي توتر بسرعة إلى الأطفال دون أن يدركوا السبب.
يوصي الخبراء بتثبيت روتين صباحي مبسط وواضح، وذلك بتقسيم المهام اليومية مثل الاستيقاظ وتنظيف الأسنان وتناول الإفطار وارتداء الملابس، تمهيداً للانطلاق إلى المدرسة. وجود روتين متسلسل يمنح الطفل شعوراً بالأمان والاستقرار ويقلل من العشوائية التي قد تثير القلق أو الرغبة في التمرد، ويمكن عرض هذا التنظيم من خلال جداول مرئية للأطفال لمساعدتهم على اتباع الخطوات دون الحاجة لتكرار الأوامر.
إدخال الموسيقى ضمن الطقوس الصباحية يسهم في تحسين مزاج الأطفال، إذ من الممكن إعداد قائمة من أغانيهم المفضلة وتشغيلها أثناء تناول الطعام أو تحضير الحقيبة. هذا التفصيل البسيط يرفع الطاقة الإيجابية للعائلة ويحيل وقت الروتين إلى لحظات مفعمة بالحيوية والاستمتاع، خاصة إذا تم منح الأطفال الحق في اختيار الأغاني.
الحوار الصباحي بصيغة دعم ومشاركة يخلق فارقاً في تفاعل الطفل مع يومه، ويمكن للأهل خلال دقائق معدودة أن يسألوا أبناءهم عن الأمور التي يتحمسون لها أو التحديات التي يرغبون في اجتيازها. هذا التواصل يرسخ شعور الطفل بالدعم العاطفي ويمنحهم دفعة نفسية إيجابية قبل الانطلاق نحو المدرسة أو أي نشاط آخر.
ينصح بتخصيص الساعة الأولى بعد الاستيقاظ لتكون خالية من النقد أو التوبيخ، ومن الأفضل تجنب التعليقات حول تفاصيل شكلية أو أخطاء بسيطة في الروتين، وتأجيل هذه الملاحظات لأقرب فرصة مناسبة لاحقاً في اليوم. البدء بصباح داعم ومشجع يعزز ثقة الطفل بنفسه ويجعله أكثر قابلية للاستجابة للتوجيهات لاحقاً.
من ضمن الممارسات اليومية الفعالة أيضاً، استخدام كلمات تشجيعية قصيرة قبل مغادرة الطفل المنزل، مثل التأكيد له على الثقة بقدراته أو الإشادة باحتمال تفوقه في يومه الدراسي. هذه العبارات تمنح الطفل دفعة معنوية وتجعله يشعر بالفخر والاعتزاز، الأمر الذي ينعكس إيجابياً على مستواه العام طيلة النهار.