
عند ذكر اسم سمك القرش، غالبًا ما يستحضر الناس مشاهد مثيرة للخوف بسبب الصورة المرتبطة بهذه الكائنات في الثقافة الشعبية، خصوصًا بعد عرض فيلم الفك المفترس في سبعينيات القرن الماضي، الذي ساهم بشكل كبير في تعزيز مشاعر الرهبة من البحر وأعماقه. ورغم شهرة القرش بطابعه المخيف، إلا أن الكثير من خصائصه تظل مجهولة لدى عامة الناس، إذ تحتفظ هذه الكائنات البحرية الغامضة بالعديد من الحقائق والأسرار التي قد تثير الدهشة، وتغير وجهة النظر عنها بحسب ما ورد في موقع listverse.
هيكل سمك القرش ليس مكونًا من عظام كما يظن بعض الناس، فهناك اختلاف واضح بين القرش ومعظم الكائنات البحرية الأخرى، إذ يتكون كامل جسمه من الغضاريف وهي مادة مرنة تشبه تلك المكونة للأذن والأنف لدى الإنسان. هذه الخفة في التركيبة تساعده على السباحة بسرعة ومرونة، كما أن الفكوك غير متصلة بالجمجمة ما يمنحه قوة عض هائلة، أما الأسنان فهي الجزء الصلب الوحيد لديه وتتشكل من المينا والعاج وتستبدل باستمرار مع تقدم العمر.
أما في مياه جرينلاند الباردة، فيواجه سمك القرش هناك تحديًا صحيًا غير مألوف، فعلى الرغم من ولادته بعيون سليمة، إلا أن نسبة كبيرة من هذه الكائنات تصاب بالعمى مع التقدم في العمر نتيجة تطفل أحد الكائنات الدقيقة المسماة Ommatokoita elongata والتي تعيش في أعين القرش وتتغذى على القرنية، ما يبقي لديها قدرة محدودة فقط على تمييز الضوء من العتمة. الغريب في الأمر أن هذا العمى لا يعطل حياته، حيث يعتمد في اصطياد الفرائس على حاسة الشم القوية أثناء التنقل في أعماق الماء المتجمدة.
بالانتقال إلى أنواع أخرى، تتميز بعض أسماك القرش المنتفخة بخدعة دفاعية فعالة عند مواجهة الخطر. إذ بدلًا من الهروب، تقوم بابتلاع كميات كبيرة من الماء ليتضاعف حجمها لتصبح صعبة الافتراس أو الإخراج من بين الصخور. وعلى الرغم من أن طولها لا يتجاوز في العادة مترًا واحدًا، فهي تلجأ لهذه الحيلة للبقاء آمنة، ونفس الخدعة يمكن أن تؤديها عند إخراجها من الماء باستخدام الهواء، لكنها تفقد فعاليتها أمام الإنسان.
ومن جهة أخرى، تختلف طرق التكاثر بين أنواع سمك القرش، إذ تلجأ بعض الأنواع مثل أنثى بورت جاكسون لوضع بيض يختلف في شكله عن العادة، فهو يشبه الحلزونات ويتم تثبيته بين الصخور حتى لا تجرفه التيارات المائية. وكذلك تضيف بعض الأنواع محاليق لزجة إلى القشرة لتلتصق جيدًا بالأعشاب البحرية مما يوفر حماية إضافية للصغار حتى تفقس.
في إحدى الظواهر اللافتة، اكتشف خبراء البحرية الأمريكية خلال سبعينيات القرن الماضي ثقوبًا دائرية في هياكل غواصاتهم، ليتضح لاحقًا أن مصدرها هجمات لأسماك قرش صغيرة الحجم تعرف باسم كوكي كتر، لا يتجاوز طولها نصف متر تقريبًا لكنها تمتلك أسنانًا حادة لدرجة أنها تنحت ثقوبًا دائرية في جلود الحيتان والدلافين وحتى الهياكل المعدنية للغواصات، متميزة بآثارها الدائرية الدقيقة.