
مع انطلاق موسم جني التمور في محافظة العقيق الواقعة بمنطقة الباحة تحول النشاط الزراعي إلى مشهد يومي يلفت الأنظار ويعكس التاريخ العريق للمهنة الزراعية، في الوقت الذي ينتظر فيه أهالي المحافظة والمزارعون هذا الموسم السنوي لما يحمله من أبعاد اقتصادية واجتماعية وتراثية تعزز الحركة داخل الأسواق وتدعم الاستقرار المعيشي لعدد كبير من الأسر. بدء جني ثمار التمور أو ما يعرف بـ موسم الخرفة يعد حدثاً رئيسياً في المحافظة، إذ يرتبط برواج ملحوظ في الأسواق، وتنشط خلاله حركة التبادل التجاري وعرض مختلف أنواع التمور المحلية.
محافظة العقيق تمثل واحدة من أكبر واحات النخيل في منطقة الباحة، حيث تنتشر فيها أكثر من 1600 مزرعة تضم نحو 130 ألف نخلة منتجة. وتصل كمية التمور التي تخرج من هذه المزارع إلى نحو 40 طناً سنوياً، وتشمل أصنافاً معروفة بجودتها مثل الصفري والخلاص والسكري والبرحي، ويزداد عليها الطلب على مستوى المنطقة وخارجها بفضل ما تتميز به من مذاق وقيمة غذائية عالية.
دور وزارة البيئة والمياه والزراعة في دعم هذا القطاع يظهر جلياً من خلال سلسلة من البرامج المتواصلة والمبادرات التي تشجع المزارعين على تطوير إنتاجهم. المهندس فهد مفتاح الزهراني مدير فرع الوزارة بالباحة أوضح أن جودة التمور المنتجة في العقيق وتنوع أصنافها يأتي تتويجاً لخبرة المزارعين وسعيهم إلى تحديث طرق الزراعة، مشيراً إلى أن الوزارة تقدم باستمرار خدمات إرشاد زراعي وتنظم ورش عمل وزيارات ميدانية، وذلك لمساعدة المزارعين على اتباع أحدث الأساليب وزيادة كفاءة الإنتاج.
من جهة أخرى، تواصل الوزارة جهودها لتحسين جودة المحاصيل عن طريق توفير خدمات فنية وتقنية وتقديم محفزات متنوعة لأصحاب المزارع، إضافة إلى تعزيز عمليات التسويق الزراعي وفتح مسارات جديدة للاستثمار في قطاع التمور، انسجاماً مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تعتبر القطاع الزراعي ركناً أساسياً في دعم الأمن الغذائي وتحقيق التنمية المستدامة.
موسم الخرفة لا يقتصر على كونه فترة لجني المحصول فقط، بل اكتسب بمرور السنوات بُعداً مجتمعياً وثقافياً، إذ يمثل مناسبة سنوية تبرز تراث المنطقة الزراعي وتُحفز الأنشطة التجارية المحلية، مما يجعل موسم الخرفة محطة أساسية في دورة الزراعة والاقتصاد في محافظة العقيق.