
شهدت العصور المختلفة حول العالم العديد من حفلات الزفاف التي تميزت بفرادتها وطرافتها، حيث يتنوع إرث هذه المناسبات ما بين حكايات غريبة تفوق التوقعات، واحتفالات طريفة أو جريئة، لتتحول إلى ذكريات لا تُنسى في سجل التاريخ الثقافي والاجتماعي. بعض هذه الحفلات جرت فعلاً بينما جاءت أخرى من بنات الخيال الشعبي، وقد أسهمت جميعها في إثراء القصص التي يبحث عنها هواة الغرابة وعشاق اللحظات الفريدة. وتتنوع هذه المناسبات بين مشاهير السياسة والفن والشخصيات العامة، إلى طقوس جماعية أذهلت الملايين، لتوفر مصادر إلهام لا تنتهي للراغبين في التميز بحفل زفاف استثنائي.
واشتهرت “كنيسة التوحيد” التي أسسها سون ميونج مون في كوريا الجنوبية بتنظيم احتفالات زفاف جماعية ضخمة اشتهرت عالميًا، ومن أبرزها ما جرى عام 1982 في قاعة ماديسون سكوير غاردن بمدينة نيويورك، حيث شارك فيها قرابة أربعة آلاف زوج وزوجة في آن واحد، وكان للحفل طابع ديني وتنظيمي فريد، واستقطب حضور عشرات الآلاف وسط جدل واسع حول تفاصيله.
وفي التاريخ الأمريكي، يبرز زفاف الرئيس جروفر كليفلاند كحادثة لافتة، إذ تزوج داخل أروقة البيت الأبيض عام 1886 من فرانسيس فولسوم، الشابة التي كانت تصغره بثمانية وعشرين عامًا. أُقيم الحفل في الغرفة الزرقاء، وسط أجواء مميزة أحيَتها فرقة مشاة البحرية الأمريكية بقيادة الموسيقار جون فيليب سوزا، ليجمع الحفل بين عناصر السياسة والرومانسية.
وفي عام 2009، سجلت الولايات المتحدة حفل زفاف خرج عن كل المألوف، حين قرر العروسان جيل بيترسون وكيفن هاينز أن يدخلا قاعة الاحتفال برقصة جماعية على أنغام أغنية “إلى الأبد” لكريس براون، بدلًا من الموسيقى التقليدية. تلك الرقصة الجماعية التي شاركهما فيها الضيوف أصبحت لاحقًا واحدة من أكثر مقاطع الزفاف رواجًا على “يوتيوب” وحققت أكثر من ثمانين مليون مشاهدة، بالإضافة إلى جمع خمسين ألف دولار لصالح دعم قضية اجتماعية تتعلق بالعنف الأسري.
أما زفاف القرن الذي حظي بمتابعة إعلامية عالمية، فقد جمع الأمير تشارلز والأميرة ديانا عام 1981، حيث تابعه نحو سبعمئة وخمسين مليون شخص حول العالم عبر شاشات التلفاز، وقد تصدرت صور المناسبة الصحف والمجلات في مختلف البلدان لعقود، وارتبطت الذاكرة الجماعية بصورة خروجهما من كاتدرائية القديس بولس وهما يستقلان العربة الملكية المذهبة.
وفي منتصف القرن التاسع عشر، جذب زفاف استعراضيٌ أنظار المجتمع الأمريكي، إذ تزوج “توم ثامب” الذي عُرف بقصر قامته بعد أن اكتشفه منظم العروض بي تي بارنوم، من لافينيا وارن في حفل شهد حضور كبار الشخصيات الاجتماعية في نيويورك عام 1863، وقد لُقب هذا العرس بواحد من أكثر المناسبات إثارة للاهتمام من حيث حجم الضيوف والتغطية الإعلامية.
وتاريخ حفلات الزفاف لم يخلُ أبدًا من القصص الأكثر إثارة. فالتوأمان الملتصقان تشانج وإنج بانكر، المعروفان عالميًا باسم “التوأم السيامي”، ارتبطا بشقيقتين هما أديلايد وسارة آن ييتس سنة 1843، رغم الجدل الذي أُثير حول زواجهما، ليعيشا لاحقًا حياة عائلية طويلة وينجب كل واحد منهما أكثر من عشرة أطفال، لتصبح قصتهما رمزًا للتحدي والارتباط الإنساني الفريد.
ولا يخلو أرشيف حفلات الزفاف من مشاهد ارتبطت بذاكرة التلفزيون مباشرة، مثل حفل زفاف المغني تيني تيم من الآنسة فيكي، الذي أقيم عام 1969 على الهواء مباشرة في برنامج تونايت شو أمام أكثر من أربعين مليون مشاهد. ملأ الاستوديو حينها آلاف زهور التوليب، وغنى العريس أشهر أغانيه ليظل الحفل حدثًا فنيًا وإعلاميًا عالقًا في أذهان الجمهور.