عبد الكريم محسن عبد الرحمن، اسم يحمل في طياته قصة لا تُصدق، قصة شاب لا ينطق لسانه إلا بكلمات الله الخالدة، القرآن الكريم. هو شاب تجاوز فيه الصمت حدوده، لكنه عندما يتلو القرآن، يصبح صوته نغمًا عذبًا يشد الأنفاس، يمتلئ بالحنان والتوجد في السنوات الأولى من حياته، عاش عبد الكريم في المملكة العربية السعودية رفقة عائلته الكبيرة، ولكن تعرضوا لحادث مأساوي أسفر عن فقدان تسعة أفراد من العائلة. عانى الناجون من تداعيات الحادث، بينهم عبد الكريم، الذي بقي في المستشفى لعام كامل.
بعد الشفاء، عاد عبد الكريم وأشقاؤه الناجون إلى مصر، إلى منزلهم في طامية بمحافظة الفيوم، حيث تولى أقرباؤهم رعايتهم. كان عبد الكريم قد فقد جزءًا من سمعه، وعانى من تلعثم في الكلام، لكنه لم يستسلم لظروفه بالرغم من تحديات الحياة، واصل عبد الكريم مسيرته التعليمية والروحية، حفظ القرآن الكريم في سن صغيرة والتحق بكلية التجارة في جامعة حلوان. كان يبحث دائمًا عن فرص لتحسين وضعه المعيشي ومساعدة أسرته.
استقر عبد الكريم في وظيفة بمصنع خراطة بمدينة السادس من أكتوبر في محافظة الجيزة. كان يعمل بجد واجتهاد، محافظًا على صلاته وقراءته للقرآن. أصبحت قصته مصدر إلهام للكثيرين، فرغم الصعوبات والتحديات، استطاع أن يحقق التوازن بين حياته الروحية والعملية لم يكن عبد الكريم شخصًا عاديًا، بل كان رمزًا للإصرار والإيمان. رغم عدم قدرته على النطق بشكل طبيعي، كان لسانه ينطلق بتلاوة القرآن بطريقة تجويدية مذهلة، يقلد فيها كبار القراء مثل الدوسري والشريم والسديس. جذبت تلاوته العديد من المصلين، الذين اختاروه إمامًا لهم في المسجد.
في عالم الضجيج والصخب، نجد قصصًا إنسانية تجسد الصبر والتحلي بالإيمان. قصة عبدالكريم هي واحدة من هذه القصص التي تعكس الثقة بالنفس والإيمان بالقدر، حيث تغلب على الصعوبات وعاش قصة فريدة من نوعها عاش عبدالكريم في ظروف صعبة، حيث كان يعاني من الضوضاء المرتفعة التي أثرت عليه بشكل كبير. أصيب شقيقه بمضاعفات خطيرة، فقد القدرة على السمع والكلام، مما أثر على حالته النفسية. وعلى الرغم من محاولات الأطباء وتركيب سماعات للأذن، لم يستعد القدرة على الكلام.
ذات ليلة، شهد عبدالكريم رؤية ملهمة. رآى في منامه شيخًا كبيرًا، كان يرتدي جلبابًا أبيض ويحمل لحية بيضاء. قاده الشيخ في رحلة هادئة وشجعه على تلاوة القرآن. استيقظ عبدالكريم بشعور بالراحة والسلام، وأصبح يتقبل القدر ويجد الراحة في تلاوة القرآن تلقى عبدالكريم توجيهًا من الشيخ في منامه لتلاوة الآية “لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ…”، وهي الآية التي أصبح يرددها باستمرار. ومنذ ذلك الحين، أصبح يتمتع بسهولة في تلاوة القرآن، على الرغم من صعوبات النطق.
على الرغم من التحديات، يظل عبدالكريم يحلم بمستقبل أفضل. يتمنى الحصول على سماعات أذن جديدة وفرصة عمل توفر له حياة كريمة مع درجته في التجارة من جامعة حلوان، يأمل في الاعتماد على نفسه وعدم كونه عبئًا على الآخرين.
على الرغم من الظروف الصعبة التي مر بها، يحلم عبد الكريم بالحصول على سماعات أذن جديدة وفرصة عمل جيدة. يتمنى أن يوفر لنفسه مصدر دخل وحياة كريمة، دون أن يكون عبئاً على أحد.