تشهد الأسواق العالمية ارتفاعا ملموسا في أسعار الذهب خلال التداولات المسائية، مدفوعة بتزايد المخاوف الاقتصادية والمالية على المستوى الدولي، حيث بلغ حجم الإنفاق العالمي على المعدن النفيس مستوى غير مسبوق منذ خمسة عقود، مع وصوله إلى ما يقارب نصف في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ويأتي هذا التصاعد في الطلب نتيجة استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي، خصوصا مع التضخم المرتفع واستمرار الاضطرابات السياسية ومخاوف المستثمرين من مستقبل الأسواق المالية.
الأحداث السياسية في الولايات المتحدة شكلت عاملا إضافيا في زيادة الترقب، خاصة بعد مصادقة مجلس النواب على مشروع قانون الضرائب الذي أعده الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والمتوقع بحسب التقديرات أن يؤدي إلى رفع الدين العام للولايات المتحدة بقيمة تصل إلى أربعة تريليونات دولار خلال عشر سنوات. ونتيجة لذلك شهد سوق السندات الأمريكية تحركات حادة، حيث ارتفعت عوائد أذون الخزانة لأجل ثلاثين عاما إلى نسبة 5.15 بالمئة، وهو المستوى الأعلى منذ سنة 2007، في واحدة من أكبر القفزات اليومية منذ عام 2023. مثل هذا التصعيد في العوائد يعكس مخاوف المستثمرين من الاتساع في الإنفاق الحكومي وتأثيره على الاستقرار المالي، مما دفع العديد إلى التوجه نحو الذهب باعتباره ملاذا آمنا.
وعلى الصعيد المحلي، تتأثر أسعار الذهب في مصر بشكل واضح بالتطورات العالمية إلى جانب عوامل داخلية هامة، في مقدمتها تغيرات سعر صرف الدولار أمام الجنيه. السوق المحلي يشهد تقلبات يومية تتراوح قيمتها بين عشرين وثلاثين جنيها للجرام، وسط تزايد توجه المستثمرين والأفراد لاقتناء السبائك والجنيهات الذهبية كخيارات لحماية المدخرات من التضخم وعدم استقرار العملة. سجلت الأسعار في مصر اليوم: 5331 جنيها لعيار 24، و4665 جنيها لعيار 21 الأكثر تداولا، في حين بلغ سعر عيار 18 نحو 3982 جنيها، وسعر الجنيه الذهب وصل 37320 جنيها.
في ظل هذه الظروف المتشابكة، يواصل الذهب تأكيد مكانته كأفضل وسيلة استثمارية آمنة سواء من جانب الأفراد أو المؤسسات، مع استمرار السوق المحلي في التفاعل مع تطورات أسعار الصرف وترقب قرارات البنك المركزي بشأن السياسة النقدية.
